حين تقسو الحياة، وحين يشتد الأمر على الرجل فتضيق به نفسه.. حين يجدها عاجزةً عن تلبية متطلبات الحياة لزوجته وأبنائه في ظل الظروف الاقتصادية الطاحنة التي يمر بها الناس جميعًا.. وحين يغلبه الضعف وقلة الحيلة فينزوي بعيدًا عن أحبابه مثقل الكاهلين، مقطب الجبين، مهموم القلب، حائرًا.. ماذا يفعل؟ وماذا يقدم؟ وكيف سيستمر؟ فتأتي الزوجة التقية التي تخاف ربها وتبتغي مرضاته في زوجها؛ الذي هو في أشد الحاجة لمن يؤازره بكلمة حب ومودة وعطف ودفء، وساعتها ما أجمل كلمة “أحبك”!!، وما أسعد تلك الزوجة بكلمتها التي قالتها فيذوب معها الهم والضيق فتنفرج الكروب حين تنفرج النفوس.
وحين تمر الأيام بما فيها من شغل ومهام ومسئوليات في البيت وتربية الأولاد، وربما العمل خارج البيت، فيفاجئ الزوج زوجته هاتفيًّا.. في عملها أو في المطبخ وهي تعد له طعامه، أو هي تقوم بالمذاكرة للأولاد ومراجعة دروسهم، أو كانت في مهمة دعوية فيهاتفها ليقول لها كلمة واحدة: “أحبك”.
الصورة غير متاحة
وحين السفر.. حيث تغلب الظروف أحد الطرفين فيبيت بعيدًا عن الآخر ليلة أو عدة أيام أو ربما أكثر من ذلك فيفرغ منه البيت، فيشعر أنه ما عاد لأي شيء قيمة بلا شريك حياته، وأن قيمة المكان- أي مكان- هي في وجود ذلك الشريك، وأن حبه للبيت فقط؛ لأنه يحتوي ذلك الحبيب الغائب فساعتها ما أجمل أن يهمَّ أحدهما بالاتصال بالآخر؛ ليخبره بمشاعره تجاهه، وساعتها تظهر قيمة كلمة “أحبك.
وحين المرض.. حيث يكون الإنسان في أشد حالات ضعفه، وكذلك يكون في أشدِّ الحالات احتياجًا لأحبابه.. ما أرحم من أن يمسك أحدهما بيد الآخر ليشدَّ عليها ويقبِّلها ويقول له: أنا بجانبك، ولن أبتعد عنك.. و”أحبك”.
وحين يمر العمر فيكبر الطرفان وينتشر الشعر الأبيض في المفارق، ويخط الزمن خطوطه على الوجه والجبين وتنحني الظهور قليلاً، فما أحوج كل منهما ليؤكد له الآخر أنه ما زال رغم مرور السنوات يحمل ذات القلب الذي أحب منذ البداية، ويكون ذلك بقول كل منهما للآخر: “أحبك”.
نعم.. ما أجمل هذه الكلمة!!، وما أسرع تأثيرها في النفوس!! خاصةً في أوقات الضعف والاحتياج، وكذلك في أوقات الغضب والخطأ، إنها المذيب السريع لأي غضب أو حزن أو عتاب، بل إنها سر الدفء الأول في الحياة.
وهكذا علمنا الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم؛ ففي الجامع الصغير: “إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه أنه يحبه” (رواه أحمد والبخاري في تاريخه).
عزة مختار